فضيلة الشيخ عبدالرحمن السحيم
كثيرا مانتجدث عن بر الوالدين وحقوقهما التى اوجبها الله على الابناء لكننا نادرا ما نتجدث عن حقوق الابناء على الاباء فماهى جزاكم الله خيرا؟
ما الحكم فى اب معه من المال مايستطيع ان يوسع به على ابنائه ولكنه لا يفعل؟
ومعه مال يستطيع ان يشترى به بيتا لا بنائه ولكنه لا يفعل ويتركهم يستاجرون مما يزيد عبء الحياة عليهم؟ وما الحكم فى الاب الذى لا يحافظ على كرامة ابناءه ويهينهم امام الناس مما يترك اثرا نفسيا سلبيا لديهم؟
وما حكم الاب الذى يسىء الى ام اولاده ويحرص على اهانتها امام من يعرفها باختلاق القصص مما يترك اثرا لدى ابناءهما ويتعمد ذلك عند اصهار ابناءه مما يجعلهم يشعرون بالخزى من اصهارهم؟
وهل يجب على الاب ان يزوج ابنه الشاب وهو يقدر على ذلك؟ هل تصدقون ان كل هذه الاشياء فى شخص واحد وغيرها والله ولكن لا اريد الاطالة، مع العلم ان المحاولات كثيرة لتغييره ولكنه لا يفعل، ارجو توضيح حقوق الايناء على اباءهم منذ ولادتهم حتى كبرهم
وجزاكم الله خيرا
جواب الشيخ حفظه الله : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا
كلام أهل العلم كثير في بسط مسألة حقوق الأولاد على آبائهم ، والعكس ، حقوق الأولاد على آبائهم ، مِن إحسان التسمية ، وإحسان التربية ، وإيجاب النفقة والسُّكْنَى ، وعدم التقتير عليهم ، وعدم ضربهم ضربا مُبرِّحا ، إلى غير ذلك مما هو مبسوط في الكُتب والأشرطة والمحاضرات والندوات ، وغيرها .
أما حقوق الأولاد على والديهم ، فمنها :
أن يُحسِن تسميته ، فلا يُسمِّيه اسْمًا غير لائق .
أن يُحسِن تربيته ، ويتعاهده ، وأن يحرص على وقايته مِن أسباب الهلاك والعَطَب في الدنيا والآخِرة .
أن لا يَضْرِبه أمام الناس ، إلا أن يكون قد أساء الأدب مع الآخرين ، أو كان اعتدى على غيره ، فيُعاقَب بمرأى مِن صاحب الحق .
أن لا يضربه ضربا مُبرحًا ، فضرب الأبناء مشروع في ترك الصلاة ، إذا بَلغوا عشر سنين ، إلا أنه لا يكون ضربا مُبرحا ، لِقوله عليه الصلاة والسلام : مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين ، واضْربوهم عليها وهم أبناء عشر . رواه الإمام أحمد وأبو داود .
أن يُطعِمه مما يأكل ، ويكسوه مثل ما يُكسَى من هو مثله .
وأن يُوفِّر له المسكن .
وأن يُزوّجه إذا كان له رغبة في الزواج ، خاصة من كان لا يملك مالاً .
قال المرداوي في كِتاب " الإنصاف في معرفة الراجح مِن الخلاف " : يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ إعْفَافُ مَنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ مِنْ الآبَاءِ وَالأَجْدَادِ وَالأَبْنَاءِ وَأَبْنَائِهِمْ وَغَيْرِهِمْ ، مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ .
وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ .
وقال ابن قدامة في " الشرح الكبير " : ومَن لزمته نَفقة رَجل فهل يلزمه نفقة امرأته ؟ على روايتين . كل مَن لَزمه إعفاف رجل لزمته نفقة امرأته .
لأنه لا يتمكن من الإعفاف إلاَّ بذلك ، وقد رُوي عن أحمد أنه لا يلزم الأب نفقة زوجة الابن ، وهذا محمول على أن الابن كان يجد نفقتها . اهـ .
وقد أذِن النبي صلى الله عليه وسلم لامرأة أبي سفيان أن تأخذ من مالِه ما يكفيها وولدها بالمعروف ، فقال عليه الصلاة والسلام : خُذِي ما يكفيك وولدك بالمعروف . رواه البخاري ومسلم .
ولا يجوز للرجل أن يُهين زوجته أمام أولاده ولا أمام الناس ، بل ولا حتى فيما بينه وبينها ؛ لأن لها كرامتها ، فلا يَقول لها : قبّح الله وجهك ، ولا يضربها ضربا مُبرحا ، ولا يهجر إلاَّ في المضجع ، ويُقدِّم قبل ذلك بالتي هي أحسن مِن قول وموعظة ، فلا يكون الضرب هو الحل الأمثل ولا يُلجأ إليه إلا كما يُلجأ إلى الكيّ .
قال تبارك وتعالى : ( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ )
ولقوله عليه الصلاة والسلام وقد سُئل : ما حق زوجة أحدنا عليه ؟ فقال : أن تُطعمها إذ طَعمت ، وتَكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت ، ولا تضرب الوجَه ولا تُقَـبِّح ، ولا تَهجر إلا في البيت . قال أبو داود : " ولا تُقبح " أن تقول : قَبَّحك الله . رواه أحمد وأبو داود واللفظ له .
ثم إن الضرب الذي أُبِيح للزوج في حق زوجته ما كان بمثل عُود السِّواك ونحوه .قال عطاء : قلت لابن عباس : ما الضرب غير المُبَرِّح ؟ قال : بالسِّواك ونحوه .
وليس الذي يضرب زوجته أو يُضارّها مِن خيار المؤمنين . سبق بيان بعض ذلك في موضوع بعنوان : لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن وهو هنا :
http://saaid.net/Doat/assuhaim/223.het وإذا كان لا يجوز للمسلم أن يُهِين مُسلِمًا مِن عامة الناس ، ولا يهجُره ، ولا يُضارّ به ، فكيف بأقرب الناس مِن ولدَ وزوجة ؟ قال عليه الصلاة والسلام : لا تَحَاسَدُوا وَلا تَنَاجَشُوا وَلا تَبَاغَضُوا وَلا تَدَابَرُوا ، وَلا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا ، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ ، لا يَظْلِمُهُ ، وَلا يَخْذُلُهُ ، وَلا يَحْقِرُهُ . رواه مسلم .
والبُخل مذموم لو كان مِن غير إساءة ، فكيف إذا انضاف إليه سوء خُلُق ؟!
نسأل الله السلامة والعافية .